ابي وأمي والحياة

 

                                0

كان فجرا ًمدلهماً بالغيومْ ،

والمدى …

ثلجٌ وأحلامُ مطرْ ،

والورودْ،

وردةٌ في الأرضِ تخشى أنْ تموتْ .

والغزاة ،

في عراكٍ مُسْتَمرْ ، والضحايا بالمئات،

والجرادْ ،

لم يُبَقي من عطاآتِ الترابْ

أيَّ زادْ

غيرُ ومضٍ من رمقْ.

كانت الدنيا اضطرابْ

ومناحات ٍ على موتى وباءٍ أصفرٍ

يضربُ الأرضَ بإعصارِ الفناءْ

                        والدعاءْ

ربنا لا نرتجي ردَّ القضاءْ

إنما اللطفَ بآهاتِ الرجاءْ

                                    1

رُغمَ ذاك الفجر

بل رغمَ الصقيعْ

زهرةٌ شَبَّتْ على طوقِ الصقيعْ

وتَمَـنَّتْ

أن يكونَ اللهُ خيراً ومحبةْ

مثلما الأرضُ خصوبْ

والربيعْ

زهرةٌ تهدي إلى الصيفِ ثمارهْ

والطفولةْ

بسمةٌ تُضْفي على العمرِالبراءةْ

والصبا

 ضوعٌ لبعضِ الأمنياتْ

والكهولة

بين أبناء الحياةْْ

                                2

في انتظارٍ للندى

زهرةٌ شَـبَّتْ على طوقِ الجليدْ

أودعتْ

في خلوة الإيمانِ ما تصبو إليه :

“قطرةٌ من فيضِ معطاء السماء ْ

تجعل الكونَ ضياء ْ

فقراء ٌ …

أغنياء ْ.

تعساء ٌ…

سعداء ْ.

والدعاء..

ربنا منك الرضى

صبح مساء ْ.   

                                    3

من بعيد الغيب كانت قطرة

تمخر الكون إلى عرس الحياة

واستقرَّت فوق هاتيك البتول

واستفاقت في ذهول

زهرة شـبت على طوق الجليد

فإذا الأحلام وقع للخطى  : 

فارس الأحلام هلَّ    

               واعتلى

               صهوةَ الأحلامِ منه

               والطموحْ

               سيفه المشرعُ

               يستبق الجموحْ

               رمحهُ

               قبضٌ على كبدِ السماء ْ

مولعٌ في الحبِ

مفطورٌ عليه ْ

سربلتْهُ

بالعواطفِ والحنينْ

زهرةٌ شـبتْ على طوقِ الجليدْ

فتمنى

وابتهلْ

أن يكون الدفءُ منها

بالأملْ

وكذا

عطرٌ يُضَمِخُهُ الأملْ

تحنو عليه بالمقُلَ ْ                              

هكذا حلمُ الصبايا

هكذا يبقى الشبابْ

هكذا الفارسُ هلاَّ

واستهلَّ الإقتطاف ْ

هكذا الأحلامُ تأتي المستحيلْ

                                    4

عادت الدنيا اضطراب

إنما الفارسُ مَنْ يهوى الصعاب ْ

طالما في عروة الصدر عروسْ

نبتتْ شوقاً وحباً وحنينْ

كان يهواها

وكانت في هواهْ

تقلع اليوم هلوعاً في صلاهْ

كان يهواها وكانت في هواه ْ

أمةٌ يحدو لها

أمة ٌيصبو لها

ويغنيها أناشيد انتصار ْ

        كلما جاء نهار ْ

        كلما غاب نهارْ

سلبتهُ جملةَ اللحنِ الحزين ْ

تيمتهُ

سربلتنهُ

شردتهُ

مزَّقتْهُ نتفا ًفي كل قاعْ

وانتشى عبر الضياع ْ

دون أن يدري بأنَّ الآتي ضاع ْ

                                   5

أينما حلَّ

وأيـَّانَ ارتحل ْ

كان يحدوهُ صداها

كان منها ودُنـاها

كان يُمناها

وكانت في دُنـاهْ

كلَّ ما ملكت يداه ْ

كان لحناَ

كلما غنَّـتهُ

دامت من حناياهُ الثنايا

أين يمضي

أين يسري ويهيم

 كان يشجيه نِـداها 

أن يكون الليل فجرا..ً

 ونَداها

بعض ماكان لديه

علَّهُ يُرضي رؤاها

            ورؤاه

           أن تراهْْ

فارساً يُرضي مناهْ

            ومناها

                                   6

إنما التيار أقوى

ورحى الأحداث أمضى

واليقين

كان وهما من ظنون

كيف ما كان يكون

يبقى درباً للمنون

ومشاهْ

سيَّرته في الحياة مشاربهْ

خذلتهُ في العراك تجاربه

عاندتهُ

عالبتهُ

علَّمتهُ

كيف يستبقي الحياء

بعدما ينسلُّ كلُّ الرفقاءْ

كيف لايبقى من الأمل الوجيع

غير ماخطَّتْ يداه ْ

غير ما خطَّتْ خطاه

فوق دربٍ من رمال ْ

سوف تذروها الرياحْ

بعد حين …

قصةٌ

قصَّتهُ حباً وحنين ْ

أسطرتهُ للبنينْ

جعلت منه حكاية وقصيدة ْ

رسمتْ منهُ خُرافة

صوَّرته

بطلاً يمضي على جنح المحال

ضاربا في الأرض أكثر من مثالْْ

كيف تُمتحنُ الرجالْ

كيف يختارون من كل الصعاب ْ

أبداً كلَّ الصعاب ْ

كيف أن في الحياة الوعرة ْ

كل درب وطريق ْ

كل خصم وصديق ْ

كل من يدنو وينئا

كل من يغتاب أيُّ الرفقاء

أيَّ رقيقْ

هكذا كانت تراه ْ

ربما

ما كان مثل ما تراهْ

إنما الحبُّ

تصاوير ٌ

ورسمٌ

صاغت الأحلام منه كل رؤيا

                                   7

بينما كان على الجرح عصيْ

متعباً يمضي وحيداً

مجهداً يشتقُّ من مرممى الحياة المعجزات

ما كان يعبأ بالردى حتى الممات

                                  8

عـاد متبولاً

      ومكبولاً

      ومحمولاً إليها

عـاد رسماً

       تدرس الأيام منه

      كل حلم وأمـل

      حتى المضمخ بالأمل

عـاد حلماً

وتصاويرا عن الآتي القريب

هكذا السيف نبى

هكذا الرمح انكسر

وصهيل في المدى

يا فارسي المغوار

ياقلبي الحبيب

قبضة السيف

ونصل الرمح يكفيني

ويبقيني لديك

عذراء تسطعتي يديك

يا فارسي المغوار

ياقلبي الحبيب

قد عاد فصل الصيف من بعد الربيع

والشتاء

 يأتيني محمولاً على كتف الخريف

جلًّ ما أخشاه من فصل الخريف

أن يستبيح العريُ أغصان الشجر

                                 9

دمعها صاغ اليتامى

وجعها في الليل أنًّاتٍ ثخان

وجهها من ملمح الماضي سراب

حلمها بالقرب منه أن تنام

خوفها أن تذدري منها السنون

كل حلم وأمل

يوم إن زُفًّتْ إليه، من جديد

أن لايكون الجيل والجيل الجديد

من وهدة الحزن استفاق ْ

من غصة الحزن

وآهات الأسى

خطت على الآتي تفاصيل الوداع ْ

“في سويعات الأصيل ْ

بينما الشمس تغيب

عندما الشمس تغيب

بعدما الشمس تغيب

بعدما أشْتَقُّ من موتي الحياة

لتزفُّوني إليه

مثلما زُفًّت إليه في البعيد

يومها كان الرداء

أبيضاً فضفاض من ضوع الزهور ْ

ساعها

ازرقـا من عمق أبعاد الفضاء ْ

فاللقاء ْ

يأتي على وقع الغناء ِ        

في السماء ..  

هذا الذي من زرقة البحر الدموع

لتلفوني به

لو تجعلون الدمع يستجدي المطر

كي لايكون الصمت بعض من ضجر

فكأنما الميتُ التياع

غابت ملامحه

ولاكت لحمه حرب ضروس من سنين

كي لايستبيح العري أوراق الشجر

نعشي

لتحمله الأصابع والحناجر وآهات البشر… “

هكذا اشتقَّتْ من الموت الحياة

مزجت آهَ االرحيل بالإيـاب

دمع الوداع بالرجوعْ

كيف إذ نمضي نؤوب

كيف دنيا الموت تحفل بالحياة

حين تستعصي عليها الذكريات

هكذا زُفَّتْ إليه

هكذا كان الرحيل

هكذا كانت على وجن الخصوب

دمعة جفَّتْ وآهتْ

“ليت ما كان يكون

ليت ما يأتي على وقع المنون

                      لايكون

أخشى عليَّ من الردى

 أن تمحي من بوح آهي الكلمات

يوم  يـُبْقي الموتُ وجداً

مغمض العينين

مكتوف اليدين

هدَّهُ صمت الصراخ

ونداهْ :

ذكرايَ انتم ْ

وأنتم من أحن له

وانْتُمُ أملي

واليومُ

والحلُمُ

فإن ذكرتُمُ

آمالي التي سكنتْ

تحيا

وتلك التي كلَّتْ بها الهممُ

                                  10

أبي وأمي والحياة

أقصوصةالآباء في بوح وهمس الأمهات

                         آمالهن الحالمات

                                 الحانيات

                                عمرٌ نسطره

                                بوحي الذكريات