يا شمس حبي لا تغيبي

مــــن كُــــوَّة القضبــــانِ للعُــــشِّ القريـــــــبِ

أرنـــــو ومــــــلءُ القـلــبِ غصَّــــاتٍ حـــبيــبي

أبــــكي بـها مـا كــــان فـي أيــامنــا حــــــــلما

لأجـــــلو الــــهـمَّ عــن صــــدري الكئـــــــــــيبِ

وأغــيبُ فــــي تــذكـارِ مـــا كـَّنـــــــا معـــــــــاً

نـــبنيهِ فـــــي حــــــبٍ وأغــــرقُ فـي النــحيبِ

فـــــلـقد تــنائــــــينا ولــــــــــمَّا نـــــــــــجـتني

بـــعدُ الـــــــــغلالَ وبعـضُ هـاتـــيكَ الحبــــــوبِ

1

فعـــلى ســـــوارِ الســــــجنِ عـــــــشٌ شــــادَهُ

عُــصْفــورُ دُورٍ مـــــــعْ مـــــتـيمةِ القــــــــلوبِ

ليــــكونَ للآمــــــــالِ أيـْــــــكاً دافـئــــــــــــــــاً

ويَـــــــــــقيهِ فـــي الأنـــواءِ منْ شـــرِّ الخُطوبِ

فـبعمق كـــــــوَّتــــه أقــــــامـه مــــــأمنـــــــــاً

لــــينام مــــلء الجفــــــن مــــع تــلك الكعـــوب

لتشـــــــــــكلُ الـــــبهوَ الفسـيـــــــــحَ بقيــــــةٌ

منــها ســــــــتشغلُها مُــــنى أمٍ خصــــــــــــوبِ

حـــــاكت بــقشــــــــات بــــــــــه أحـــلامـــــها

وبـــــــناه فـــــي جـــــــــهد وطــوب بعد طوب

2

كـــم كنــــت أُطــــرب فــي لقـــائـــــهما مــــعا

فـــي الصبـــح أو في الظهــر او عنــد المغيــب

فـــأراهُ مـــع شــــمسِ الصبـــاحِ شـــدا هوىً

غَـــــزِِلاًً بـــــها فـتتيــــهُ فـــي زهـــوٍ طــروبِ

تــــحكيـه فـــي العينيـــــن وصـــــلاً رائـــــــعاً

كــــم ضـــــاع فـــي ليـــل الهــوى سر الطـيوب

فـــأراهُ مُغْتــــرّاً يُـــــــباعـــد ريـــــــــــــــــشهُ

ويــــجـولُ كالفـرســـانِ فـي ســـاحِ الحـــــروبِ

فـــــتغـضُّ الطـــــــرفَ عنـــــه غــــوايـــــــــة

وهـيَ الخجــــولُ بــقــربـــهِ خجـــلَ الدعــوبِ

فــــيطيرُ مـــلءُ جنـــــاحــــهِ شوقٌ إلى أفيائِها

مـــــــــــتفائلاً بالحــبِّ فـــي تلك الـســــــــهوب

ويـــــــــــغيبُ عــن عـينـــــيَّ و لــكنّـي أرى

بـــــــــبصيرتي طيــــرانـه نحـــــو الجنــــــوب

ويــــــــــروحُ يمـخرُ في الســــــــــماءِ عِبَابَها

فالشـــــــــــــمسُ وجهَتُــــــهُ إلى أمــــلٍ رحيبِ

لكنـها في القـــلب تــــــــــــــــــــبقى غصــــة،

أمــــــــــــــلاً يـــــــــــراودهُ ويـدعوهُ المــئـــيبِ

فـيـــــــــــــــعودُ من شـــــوقٍ لها غـــرداً على

فَــــــــــــنَنٍ ليـــٌقرئـــــــها الجوى : حبَّاً أجيبي

فتـــــــــردُّ تُـــــــــغمدُ في الشـــــــغافِ لحاظها

ولهــــــــــــــاً بـــــه وهْوَ المتيــــــــم في لعـوب

عبثـــــــــــــت بأوتـــــــــــار الفــــــؤاد صبابـة

وشـــــــــــــدت هوى”يا شمسُ حبي لا تغيبي”

فهــــــــــــــــواهُ في قلـبي غــــــــدا أيـــــقونـةً

وعنـــــــــــــــاءه في العمـــــر يبقى لي صليبي

3

فيـــــــــــــؤبُ مشتـــــــــــــــاقاً يمـرغُ رأســـهُ

في صـــــدرها فتـــــــهيمُ فــــي نقـــــدٍ عجيـبِ

في رأســـــــــــــــهِ وبصـــــدرهِ وجـنـــــــاحـهِ

لتـــــقول في حــــــــــــبٍّ وفي خـــــوفٍ عتـوبِ

إيّـــــــــــــاك يـــــومـا أن تــــدعني للنـــــــوى

هذا العـــــزول الصــــبُّ اكــــــرهُهُ خطيبـــــــــي

لاتســــــــــــــــقني كـــأسَ الحيـــــــاةِ مـــرارةً

فبــــــــــــــدونكَ الـدنيـا كمـــــا بئــــرٍ نضــــوبِ

دعنـي على زنــــــــــــــديك أغـفــــــو قــريـرة

أنـــــــــتَ الذي في الحـــــــب أرضـــاه نـصيبي

ما أن تـــــــــــــــحـطَّ رحـــــالها الأنّــــــاتُ في

عينيــــــــــهِ آلامـــــاً ودمعــــــــــــاً من صبـوبِ

حتـــــى أراهُ يـــــــــــــــضُمها حـــــــانٍ عــلى

آلامــــــــها وبســــــــــــــرِّهِ : أتـــرى تُصيبي ؟

طــيـــــــــــــري إلى الأفيـــــــــــاءِ إني واقفٌ

عمــــري لأجـــــــــــــلكِ يـامُنــى القلب الرطيبِ

فلســــــــــــــوف أبـــــقى في ديــــاركِ بــارقـا

يُنبيــــــــــــــــك كيـف الحـــــــبُّ مُتَّجهُ الـدروبِ

كـــــــــــــــــلُّ الأمــــاني أنـــــت يا أمـلي ويـا

أهْــــــــــــزوجَتي في الرغــــدِ والزمنِ العصيبِ

كـــــــــــــــــــــل الأماكن فيئـــها ظـــــــل لقلـــ

بيـنـــــــــــــــــــا لـــــذا دومــا إلى قلبي تـؤبــي

طــــــــــــــارت الى أفيائــــــــه يســــعى بـــها

أمــــــــل ويــــــــــــحدوها جنــى سهل عشوب

تتـــــــرائى لــــــي نـظـــــــراتـه متفـــــــــــكرا

فيـــــــــــــما تقــــــــــول الوعدَ في شكٍ مشوبِ

ويطيـــــــل في كبــــــــــــــــــــد السماء تــأملاً

متســـــــــائلاً ومشــــــككاً: هل من مجيــــب؟

لتـعــــــــــــــــود مشــــــــــــغولا بقصفة عودة

من وردة حَلُمــــــــــــَتْ بها أو من قضيـــــــب

لتــــزيد فيـــها البيـــــــــــــت بيـــتـهما معــــا

دعمـــــا وتـــوطيــــــدا وســـــــدا للثقـــــــــوب

فيـــــــرى بــــها الــــــرد الـذي يشـــــجيه في

رغــــدالحياة فكيـــف في الـزمـن العصيـــــــــب

4

يبـــــــــــــــقى السؤال سؤاله في البال يســــــ

ـأله:ولـــــــــــــــــكن أنَّ مــــن ريـــــح هَبوبِ ؟

لأرى بهــــــــــــــــــذا الســـــجن ردَّ ســــؤاله

وأنـــــــام يـــــــــقتلني أســـــى قـــلبي العطـوب

أضنـــت فـــــــــــــــؤادي ذي الحيــــاة بقسـوة

وســـــــقته مُــــــرَّ الهــمِّ مـن كــل الضـــــروب

أصحـــــــو على تـــــــــغريـدها وصـــداحـــــه

والـــدمـــــــع مـن عيــني على خـــدي ســكوب

متــــــــــذكِّراَ أمســــــي وكيـــــف صبـــــاحـنا

وصغــــــــــــارنا ويـــــــــــداكِ مع كأس الحليب

ألـــــــــف المتيــــــم دمعتــــــي ورثــــــى لهـا

وشــــــــكى نـــؤوم ضحــــــىً وقــلبا من لهيب

فحــــــــبـيبة الـــدوري الموَّلــــــــع لحظــــــها

مـــــــــــــــا زال يـــــــــــغفـوحـالما منذ المغيب

نتبــــادلُ الشــــكوى كـــــــــــــــلانا متيـــــــــمٌ

فالحـــــــــــــب يضنينــــا شـــــبابا قبـــل شـيب

حتـــى أطـــــــــــــلت واللحـاظ نــــــــــــواهــل

صبـــــر المتيــــــــــــم قـائـلاً : أرقي تُعيبي ؟!

يا طفـــــــــــلة في الحــــب لو تدري الجوى!!

هـــل قــــــــــــلت لـــي كيــف ابتليت بها ذنوبي

فـــــــــــــسئمتِ مـن قــربــي وقـــربُــك جـنــة

وقضيــــت بالهجــــــــران للـــــــمضنى حسـيب

فتـــردُّ تـــــــــغمد في الشـــــــغاف لحـــاظها :

يــــا حــــبُّ تســألني وقـــــربـــك لـي صــحيبي

تــــــــــــــلك الأمـــاني اليــــوم قــد وُضـــــعت

فمـــــا بــــــــــــــارحتـها إلا لأنـك لي طـــــبيبي

هـــــــــــــــــلاَّ إلـــــى آمــــالها رافـــــــقتـــني

لتـــــــغنني :” يـــــا شمـــــس حبي لا تغيبي”

فكــــــأنمـا رُدَّتْ إليـــــــــــــه الــــــــــروح للـ

آتــــــــــــــــي مضـــى ما طــــار لكن في وثوب

مـــــــــــــــا عــــــــــاد بـاب الأيك يــدركه فقد

تـــــــــــــــــاهت بــــــــه أصداء آتيه الصـخوب

لصغــــــاره وصراخهـــــــــــم وضجيجـهــــــم

وكبيــــــــــــــرهم يشـــــكو لــــــه ذاك الشغوب

وحبـيبـــــــــــــــةٌ لشــــجارهم تـــــرمي بـــــه

نظـــــــــــــــراتها الحيرىوآهـــــا من شـجوب

فـــــــــــإذا بـــــــدوريـــــــــنا يـعـــــود معانـقا

بجناحــــــه تـــــــلك المتـــــــــــــيمة التـــــعوب

يـــــــاروعة الآتـــــي ويــــا طيــــب الغــنــــى

لحبيبـــــــــــــــتي : “ياشمس حبي لاتغيـبي”

يــــــــــــــــــقضي ليـاليـه يســــــامرها الجنى

بغــــــــــــــــدٍ لنــا في غـرســـنا الآتي النجيــب

أصــــــــداء حـــــــــــب ســـوف تـبقى للمدى

ضــــوعاً يــــــــــــفوحُ بــــــكل أنــواع الطيوب

5

وتمــــــــرُّ بـي الأيــــام أرقبـــــــــــــــه بــــها

كـــــــــــــــأبٍ على مضغـــــاتـه حــــانٍ كبـــوب

يـتنــــــاوبـان أب وأمٌّ دفئـــــــــــــــــــــــــــــها

في شـــــــوق حــــــــلمهما وفي كــــــدٍ دؤوب

طــــــــــارت إلى أفيـائه يســـــــعى بها أمـــــلٌ

ويــــــحدوها جـــــــــــنى ســــهل خصيـــــــــب

فــــــــــالفجـــــــــــــركـان لليــــل ريــح ماطر

لما عــــــــــــلت صيــــحات جنــــــٍد مـع رقيـب

فأطــــــــــــــــلُّ من زنزانتي متضجــــرا مـنها

ومـــن أصـــــدائــــها النُــــــــــــكرى الكـــروب

فـــــــــــــــــــــــــإذا بسـجاني يـجيئه عابـثـــــا

في رغــــــده ولأمنــــــه ســـــاطٍ نهـــــــــــوب

متـســـــــــــــــــــــــــلقا درجــات سُـــلَّم سوره

متربصاً غــــــــــــــدراً بنظـــــرته الكــــــــروبِ

فيســــــــــــــــــدَّ كــــــــــوتـه بقبعـة الحـمـــى

ليــــــــــــحول دون الكــــــــــرِّ أو دون الهروب

ويمـــــــــــــدُّ بــــــــــاعاً في الجريمة ضـــالعا

فـــــــــــــــإذا بــــدوريـنا بقبضتـــــه الغصــوب

مــــــــــــستنسر النظرات مفجــــــــوع الرؤى

مــــــــاضٍ إلى آتيـــــــه في خطــــــــوِ المهيـب

6

عــــــــادت مغــــــردة إلى أيـــــــــك الهنــــــــا

وصـــــــــــــداحها ضـــــــــاهى صداح العندليب

لكنهـــــــــــــــــا والهـــول داهمها كبـــــــــــت

وتـــــــــــــــــراجعت فالأيـــك في وضع مريـب

أتـــــــــــــــرى هي الأنــــــــواء هبـــــَّت فجأةً

أم أنــــــــــــــها آثـــــــار غــــــــــــدّار غريـــب

طــــــــــارت وحطّــــــــَت ثم طــــارت وانتحت

جنبـــــــــــاً ولحـــظُ العيـــــن من دمـع خضوب

أوّاه يــــاهـــذي المُنى أيــــــــــن الهـــــــــوى

بـــل كيـــــف للآتــــــــي حيـــــــاة في المصـيب

راحــــــــــــــــــــــــــــت تلملم همّـَها تــبني به

كــــــــــــــوخاعــلى أنقـــاض أيـــكهما الخروب

لتــــــــــــــــــــــــــبيت في أتـــــــــراحه آهٌ بها

آتٍ لـــــــــــــها في العمــــر مـــن وعـــد سليب

وتـــركتها تـــــــــــــــــــــــــــنهي قصيدة حبها

ألمــــــاً كمـــا الأريـــــاح تـــــذرو في كثــــــيب