السيرة الذاتية

هي ليست سيرة ذاتية بالمعنى الاعتيادي ، إنها صيرورة رجل عادي جدا بل وبسيط جدا ، وإن تكن قد بدأت في الثامن والعشرين من أيلول من عام 1947في تمام الساعة التاسعة مساءً ، فهي ، في صيرورتها ،تبقى تجربة حياتية أعتقد أنه يمكن الاستفادة منها بشكل من الأشكال.. خاصة وأنها تتلخص في / أسعد الناس من عاش مستقبله في حاضره / وهي المقولة التي خَلُصْتُ إليها من هذه الحياة خاصة وأنها عنت لي الكثير ، وأتاحت ليَ الكثير أيضا ، فرحتُ أعتصر اللحظة حتى نهايتها في كل ما عنته لي الحياة ، ف / الحياة شؤون وليس لشأنٍ منها أن يطغى على الآخر / وهي المقولة الثانية التي رسمت طريق حياتي في كثير من الأحيان .. فما كنت لأستثني اللحظة كشأن من شؤون حياتي فأعطيه من خلالها كل مستحقَّاته ، وإن كنت أعترف بأنني خالفت كل ما له علاقة بالتقاليد والعادات والأعراف والنواميس الاجتماعية.. ، فهذا لم يكن ليعني فوضوية حياتي أو عشوائيتها بقدر ما هو يعكس ـ من وجهة نظري على الأقل ـ عقلانية الموقف برؤية مستقبليه من مبدأ أن / أسعد الناس من عاش مستقبله في حاضره / وعلى هدى / الحياة شؤون ../ .
لقد حددت معالم حياتي عدة أحداث على ما أعتقد ، وفي ظل مقولتين أيضا ، أما الحدثين الأبرز في تقرير مجرى حياتي فكان لوالدتي نقطة البداية فيها ، ففي الأحداث التي عصفت بسورية إثر حادثة اغتيال المالكي وملاحقة أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي وفرار والدي للجمهورية اللبنانية ، كنت وسيلة الاتصال الوحيدة بين والدتي ووالدي ، حيث كانت والدتي تكلفني بنقل المال والأخبار الجارية في المنطقة الى والدي ، ولم أكن قد بلغت الثامنة من العمرـ هنا أتساءل لما اختارتني والدتي دون أخوتي الذين يكبرونني ، لما أنا ، هل هي مجرد صدفة ، أم أن والدتي كانت تشتمُّ روحاً مُغَامِرةً بذاك الصبي ؟ .. حتى هذه اللحظة لم أجد الإجابة على سؤالي ـ ، فكنت أستقل وسائط النقل العامة للذهاب من سورية للبنان .. هكذا ، على ما أعتقد وضعت والدتي حجر الأساس في مسيرتي السياسية ، فلقد واكبتني منذ نعومة أظافري وحتى اللحظة مغامرة البحث في المجهول .. ، الحدث الآخر الذي عنْوَنَ مسيرتي الحياتية ، هو أنني تقدمتُ من والدي ذات يوم ـ وكنت قد بلغت السادسة عشرة من عمري ـ بعدة صفحات مخطوطٌ عليها وبخط يدي مجموعة من الأقوال المأثورة .. حيث أثنى عليَ والدي وشجعني على الاستمرار بجمع هكذا أقوال وضرورة عرضها عليه كلما سنحت الفرصة .. فكان بنتيجة الحال أنني اعتبرتُ ذلك مهمة ً عليَ انجازها على أكمل وأفضل وجه ، مما رتب انخراطي تدريجيا في دراسات فلسفية واجتماعية وهذا ما قادني لقراءة التاريخ وعلم النفس وما اتصل بهما من علوم …
على صعيد آخر ، فلقد لعب بيتان من الشعر أيضا في تقرير كيفية التعاطي مع ما يستجدُّ حولي من أحداث ، حيث كان قـول الفرزدق / ما قـال لا قـط ْ إلا فـي تشهده لولا التشهـّد كانـت لاءه نــــعمُ /
محدداً لكثير من اهتماماتي بقضايا مَنْ حولي أقرباء وأصحاب ومعارف على حدٍ سواء ، حيث نمت في مسلكيَّتي الذاتية خاصية / الغيرية / التي دأبت على تحقيق متطلباتها بسعي الدائم ، فما كنتُ أتوانى عن تقديم المساعدة لمن كان محتاجاً إليها ، وهذا بالذات ما شكل نسبة 15% من انتمائي للحزب السوري القومي الاجتماعي ففي القَسَمْ كانت الفقرة التي حسمت قرار الانتماء هي /…وان أقدم كل مساعدة أتمكن منها إلى أي عضو عامل من أعضاء الحزب متى كان محتاجا إليها / وهكذا لعب الفرزدق بهذا البيت من الشعر دورا كبيراً في انتمائي للحزب ، لست أدري لما ترسخ هذا البيت من الشعر في تلافيف تفكيري فدفعني لمسيرة بذلت بها كل ما استطعت اليه سبيلا ..
محددٌ رابع طبع مسلكيتي الذاتية هو قول بشار بن برد / إذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه / فما كنت أهتم كثيرا في الانتقاد أو الاعتراض أو تناقل ما قيل ويقال .. وأعتقد أن قول سعادة / ما أعطي لإنسان إلا أن يهين نفسه / حسم هذا الموضوع كليا من حيث الانتماء وحتى من حيث المسلكية الشخصية على الصُعُدِ كافة ..
هكذا تشكلت البنية التحتية لمسيرة حياة انطلقت في عمليتها من حدث الخامس من حزيران لعام 1967 الذي ترك انطباعا في نفسية الجيل بكامله بضرورة العمل السياسي الذي بات مطلبا من مطالب الحياة اليومية للشباب في تلك المرحلة التي بدت ـ وقد بلغت العشرين ـ فيها الأنظمة عاجزة عن القيام بما كانت قد أنشأتنا عليه ، كان الخامس من حزيران منعطفا حادا في مسيرة أي شاب من شباب جيلي .. خاصة وأن دراساتي ومطالعاتي كانت قد اكتملت أو قاربت ذلك ، فمن الأقوال المأثورة الى الفلسفة ومن هذه الى التاريخ ومنه الى علم الاجتماع وعلم النفس وأخيراً السياسة فمن كَانْتْ الى هيغل ومنه الى ماركس فأنجلز ولينين وتروتسكي وماو .. وهكذا كانت دراستي للماركسية من ألفها الى يائها والتي بدت حلاً لمختلف المشاكل المطروحة و الجديرة بالحل .. المشكلة التي واجهتني في دراساتي هذه ، كونها وحيدة الجانب مما دعاني لتقليب وجهات النظر الأخرى فكان العقد الاجتماعي لروسو وروح القوانين لمونتيسيكيو .. الى ميكافيلي في المطاراحات والأمير …كانت التساؤلات تنهال تباعاً ، فهناك جوانب أخرى لم تتناولها الكتب التي غُصت فيها حتى الأعماق ، كان /كانت/ رائدي في هذا المجال ، فمقولته الشهيرة في تناقضات العقل السبعة جعلتني لا أركن لمتجهٍ دون آخر فطالما أن العقل قادر على تأكيد الشيء ونفيه فإن وجهات النظر، التي باتت ملك يدي ، تبقى في مجملها قابلة ٌ للنقض والتأكيد في آن….. ،/ ما العمل / إذن مقولة لينين الشهيرة أيضا ..كان المنطق هو الحل ، هكذا توهمت فدرستُ جميع المناطق الارسطوطالي الصوري الرياضي اللغوي ..الخ ، كانت النتيجة أن المقولات التي طُرحت حتى تاريخه لم تأتي على ذكر ما نحن نعانيه من تجزئة وتكالب استعماري واستيطان يهودي في الجنوب ، كانت قضايانا كمجتمع مهمشة في أبحاث الفلاسفة والمناطقة والمؤرخين وعلماء الاجتماع والنفس والسياسة والاقتصاد ، فقضاياهم هي التي كانت محور اهتمامهم ، أما ،ما نعانيه نحن ، فقد كان بعيدا عن مداولاتهم ، فكانت الرحمانية لزكي الأرسوزي مدخلي لتبيان هذه القضايا ، وعلى الرغم من الفارق الواضح بين الطرح الغربي لقضايا الحياة ـ بمجملها ـ وبين طرح فلاسفتنا ، من حيث العمق والدقة والشفافية وأهمية المرادفة والمفردة في تقرير المعنى ، كان لا بدَّ من المتابعة في قراءة الحلول لما نحن فيه لم تكن طروحات الأرسوزي مقنعة ولا ميشيل عفلق والبيطار والحوراني لكنهم كانوا دليلي لقراءة محمد عبدو والأفغاني وسيد قطب ومجمل خطب عبد الناصر الذي كان يتمتع بجاذبية خاصة في ارتجاله لخطاباته .. كنت مبهورا به كخطيب ، لكن التدقيق فيما كان يقول كان دائما يدفعني للتريث في مقولة القومية العربية، فلم تكن في المستوى الذي كنت منشداً له في قراءتي لروسو مثلا ، كانت القومية العربية ضحلة أمام عمق وبساطة ووضوح روسو ومنتيسيكيو وميكا فيلي .. أما سيد قطب ، فكان على ما شعرت به أنه خارج عن التاريخ كليا ، هو يتحدث عن عالم لا يمت للواقع الذي نحياه بشئ .. لم يكن أنطون سعادة قد اكتشف بعد من قبلي ، ذلك أن تراثه الفكري كان مصادرا ، بل وكان تداوله مرعباً ، كان ممنوعا وبشدة ، ممن حولي أولا ومن الأجواء التي كانت تسود الساحة السياسية آنذاك .. بين أممية مشاعية وأممية دينية وقومية عربية منسوخة عن منظومة القومية الأوروبية ، كانت القومية السورية واللبنانية هما القوميتان اللتان سعيت لدراستهما ، لكن الأدوات لم تكن متوفرة لذلك ، إلى أن وقع بيدي ، وبطريق الصدفة ، كتيب صغير لا تتجاوز مساحته مساحة بطن الكف متضمناً دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي وفيه القسَمْ والمبادئ الأساسية والإصلاحية التي استرعت انتباهي أول الأمر لما فيها من طروحات لجملة المشاكل التي نعاني منها .. وكما أشرت أعلاه ، كانت الفقرة التي لامست مكنوناتي النفسية التي نشأت عليها / .. وأن أقدم كل مساعدة ../ مما شدني أكثر فأكثر على دراسة المبادئ الأساسية حيث طالعني سؤال سعادة : مَنْ نحن ؟ سؤالٌ نزل عليَّ نزول الصاعقة ! ودفعني للتساؤل أيضاً : فعلاً ، من نحن ؟ في إجابة سعادة كانت ، نحن سوريون ونحن أمة تامة تذوب فيها الأعراق ، حيث لا وجود لعرق صافٍ على وجه البسيطة ، بل مزيج سلالي متجانسٌ أحيانا وهابط في أخرى أما اللغة فهي الوعاء الذي يحتوي مخزون الأمة الثقافي المتميز عن غيره من متداولي العربية ، وأما الدين ، فكلنا مسلمون ، وفي المبادئ الإصلاحية كان الغاء كافة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب .. ، فلسفيا كانت طروحات سعادة نابعة مما نعاني منه ، فما وراء الطبيعة يمكن أن يكون فيه العقل ، كشرعٍ أعلى في الانسان، حلاً لمعضلة الوجود من حيث هو موجود ومن حيث هو معرفةٌ لهذا الوجود، قطبان يستكمل كلٌ منهما الآخر ، في المقولة الفلسفية الكبرى لسعادة وهي المدرحية ، حيث المادة شكل من أشكال الروح وحيث هذه شكلٌ من أشكال المادة فالإنسان قد نشأ بالتطور وتاليا فالاجتماعية سابقة للفردية وهذه نتاجٌ للأولى حيث الإنسان ـ المجتمع الذي تجد فيه كافة المعضلات الاجتماعية خلاصها ..
هكذا بدت خطواتي السياسية الأولى ، فلم أكن رجل سياسة بالمعنى الاعتيادي للكلمة ، بقدر ما كان انتمائي للحزب انتماءً فكريا خالصا تتبع في ما بعد ، مدى صلاحية الحزب ليكون أداةً لتحقيق مقولات سعادة الفلسفية . كانت مسيرتي السياسية تدفعني للبحث عن الأدوات التي يمكن لها أن تكون سبيلا لتجسيد ما جاء به سعادة بعدما اكتشفت أن الحزب لم يكن ساحة نضالية بقدر ما هو ساحة صراعٍ سياسي على السلطة ، حيث تقدمت بدراسة موسعة لتاريخ الحزب ـ فُقدت للأسف ، مع كثير من الدراسات الأخرى بعيد دخولي السجن في عام 1985 ـ ، وكان ذلك في المؤتمر القومي الاجتماعي العام المنعقد في ضهور الشوير في عام 1984 ، حيث بينت في تلك الدراسة أن الصراع في الحزب كان صراع سلطة تناسى في خضمِّه القوميون الاجتماعيون مبادئ الحزب وغاياته .. ولم تكن هذه الخلاصة محصورة في الحزب السوري القومي الاجتماعي بل كانت تتعداه لبقية الأحزاب العقدية التاريخية المعروفة كالبعث والشيوعي السوري والإخوان والقوميون العرب .. وكنت ، كلما قرأت حزبا من هذه الأحزاب أجد نفسي أمام ما كان يعانيه الحزب السوري القومي الاجتماعي ، فجميعها كانت أحزابا تبحث عن السلطة أكثر مما تبحث عن الأهداف التي استقطبت جماهيريتها ، تبعا لما كانت تعانيه فئات الشعب السوري من تخبط في مقومات حياتها اليومية والعامة على حدٍ سواء .
موريس ديفرجيه ، في كتابه عن الأحزاب السياسية الغربية عموما ، كان مرجعي لقراءة ما اذ كانت ما تعانيه الأحزاب في المشرق العربي هو ذاته الذي تعانيه الأحزاب الأوروبية ، حيث كانت الأحزاب الأخيرة تتوحد في مفاهيم كثيرة وتختلف في القلة منها وتحديدا في الحلول المطروحة لمشاكل المواطن اليومية ، بينما كانت الأحزاب العربية عموما تعاني من أزمات تتعدى إمكاناتها المادية على مختلف وجوهها ، فهنا تتصدر مشاكل الأحزاب مشكلة الانتماء التي لم تكن أحزاب أوروبا تعاني منها إطلاقا .. فبين عربي وسوري ولبناني وبربري وإسلامي وشيوعي .. تاه المواطن واختلفت الأحزاب وتصارعت فيما بينها بحيث أضحت جميعها متآمرة على بعضها البعض مما أتاح للسطة أن تتمكن منها جميعا وتقصيها عن أهدافها أولاً وعن السلطة ثانيا وعن الحياة السياسة عامة ، هكذا زرعت السلطة بغضاءها في قلوب مواطنيها فبدت قمعية أكثر منها ديموقراطية مما أتاح للأحزاب أن تنمي في أعضائها هذه البغضاء فتوزعتها بغضاء الدولة وبغضاء بعضها لبعض وانتهت جميعها الدولة والأحزاب لأتون حرب وجد الأجنبي فيها مدخلا رحبا له للنيل من كل ما هو وطني وقومي وأممي و..
في الخلاصة ، بدت الأحزاب وكأنها حزب واحد ، فجميعها عانى ما عاناه أيٌ منها ، وجميعها فشلت في طموحاتها السلطوية والعقائدية كما فشل أيٌ منها أيضا ، فلا فضل لحزب على آخر فجميها دفعت لما نحن به من انقسام وطني وقومي ، وسياسي واجتماعي بحيث تبدو الحزبية عامل تقسيم وتجزئة أكثر منها عوامل وحدة وتلاحم ، في الأحزاب الأوروبية والغربية عموما ، كانت الأهداف اجتماعية ـ اقتصادية ، لم تختلف أحزاب الغرب في موضوعة الانتماء الوطني والقومي وحتى الاجتماعي ـ الاقتصادي وهي إن اختلفت فعلى سُبل حل المشكلات المجتمعية ، هنا ، في المشرق العربي كان الاختلاف جذريا في كل شيء ، لذا لم تتوحد هذه الأحزاب حتى في المبدئيات .. في الأساليب ، حتى في وجه السلطة التي استفردتها واحدة تلو الأخرى وأقصتها فعليا عن الحياة السياسية ، طالما أنها بقيت هي المالكة الحقيقية للشرعية الاجتماعية السياسية الثقافية ..
في الخلاصة أيضا ، انتهى الحزب السوري القومي الاجتماعي ، بنظري ، كأداة لتحقيق الأهداف القومية الاجتماعية ، فلقد مكنتني دراساتي السابقة لانتمائي للحزب رؤية ما يجري ويحدث في داخله من صراعات على مختلف الأصعدة والمستويات ، فعكفت على دراسته تاريخيا وفكريا وسياسيا وقانونيا ، كانت هذه الانشطة متناقضة كليا مع ما جاء الحزب لتحقيقه ، أبرز دراساتي كانت ، دراسة تقدمتُ بها للمؤتمر القومي الاجتماعي الأول المنعقد في ضهور الشوير عام 1984 ، والتي لخصت بها تفاعل الحدث العقدي مع السياسي والدستوري وحتى الاجتماعي ، في الدراسة ـ فُقدت بعيد سجني ـ المنوه عنها كان الدستور والأنظمة الداخلية للحزب ، عبر التعديلات التي خضعت لها ، الصورة الواضحة المعالم لما كان الحزب يعانيه ـ هو وغيره من الأحزاب على اختلافها ـ فلقد تركزت مختلف التعديلات ،وعلى مدى نصف قرن ، على صلاحيات السلطة التنفيذية ومدى علاقتها بالسلطة التشريعية وخضوع أيٍ منهما للأخرى ، فكانت النتيجة التي تَوَّجَتْ دراستي في الدستور هي / لعبٌ في الدستور من الدستور على الدستور / والنتيجة الأخرى التي استخلصتها تلك الدراسة ، أن العلاقة بين القاعدة الحزبية وقيادتها ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) بقيت على حالها منذ التأسيس وحتى ذلك التاريخ 1984 ، لجهة الحقوق والواجبات ، اذ بقي أن ليس من حق العضو الاعتراض على أية مسألة من المسائل المتعلقة بعضويته ، إلا في الجلسات الرسمية وحين يُباح له الكلام ، مما أدى بطبيعة الحال للخروج على هذه القاعدة الدستورية ومما أتاح للسلطة الحزبية أن تسلط سيف الدستور على رقاب أعضائها أياً كانت مرتبتهم ومستوياتهم العلمية والفكرية وحتى السياسية والإدارية ، مما أفقد الحزب جميع كوادره وبات أقرب لمستنقع راكد لا تراكم للخبرة لديه ولا حياة فيه إلا للبيروقراطية التي عُنْوِنَتْ خطأً بالدستورية .. كانت الخلاصة التي انتهت إليها دراستي هي : / كيف يمكن التوفيق بين حقوقٍ مغيبةٍ للعضو ومحددة بإبداء الرأي في الجلسات الرسمية وحين يباح له الكلام ، وبين واجبٍ أقل ما فيه التضحية ب ـ الدماء التي تجري في عروقنا ليست ملكا لنا ،بل هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها ./ هنا كان الاستعصاء التاريخي التي كانت منهجية سعادة تمليه على أعضاء حزبه للقبول بالوضع الراهن الذي يمر به الحزب ، ففي الأفراد تلعب المفاسد ولا يمكن لهؤلاء أن يصموا المجتمع بالمفاسد التي في نفوسهم ، فالنظام في عرف سعادة هو نظام الفكر والنهج ثم نظام الأشكال التي تحقق نهج الفكر ، وبطبيعة الحال لم تكن أيا من مقولات سعادة لتفعل أكثر من تريث العضو حتى يطفح كيله ويترك الحزب طوعا أو كرها أو … بقي سعادة رائدا للقوميين الاجتماعين ، فمقولاته هي / لأجيال لم تولد بعد / كان سعادة مثالاً للتضحية الحزبية فهو الشهيد الأول الذي كان ضحية التآمر الدولي والإقليمي والكياني وأيضا انتهازية أعضاء حزبه وتخليهم عنه في أحلك لحظات حاجته إليهم .. والسؤال المطروح والذي لم أجد له إجابة حتى اللحظة منذ تقدمت بتلك الدراسة ، هو كيف يمكن قبول إعدام أنطون سعادة بعد تسليمه من قبل حسني الزعيم للسلطات اللبنانية وخلال أربع وعشرين ساعة ، وبين الإطاحة بحسني الزعيم بانقلاب قومي اجتماعي بحت وعبر ضباط قوميين اجتماعيين ، بعد أربعين يوما على ذلك الحدث الجلل!!! أين كان هؤلاء ولما لم يكن الزعيم على علم بهم وبقوتهم العسكرية التي تمنحه قوة تهديد حسني الزعيم بالذات ، أو الابتعاد عنه ريثما يتمكن ضباط سعادة منه ؟!! تساؤلٌ ما تزال خفاياه في غياهب التاريخ الحزبي …
خرجت من المؤتمر المنوه عنه وقد تلمست بشكل واضح وجلي أن الجزئية ، كمعلومة ـ هي التي تتوزع القوميون الاجتماعيون ، فالمؤتمر قد أوضح بما لا يقبل الشك أن المواقف التي اتخذت به لم تكن مبنية على رؤية كلية لماهية الحزب كأداة والفكر كمنهج وأعضاء كوحدة من المفاهيم ، فكان المؤتمر عبارة عن استعراض لمقولات جزئية فما من لجنة من لجانه الدارسة كانت لتكتمل لديها خصوصيتها أو لتتكامل مع اللجان الأخرى التي عانت ما عانته أيا منها ..
سقط الحزب كأداة لتحقيق فكر سعادة ، وبقي الفكر باحثا عن رافعة له من هذا الذي وصلت إليه أداته ، كانت خيبة الأمل قد بلغت ذروتها في فكري ، فما زلتُ مؤمنا أن فكر سعادة فيه كافة ما تستحقه الأمة وما تحتاجه وما تبحث عنه للخروج من معضلاتها التاريخية التي قد تودي بها لمجاهل المستقبل ..
كان المؤتمر القومي الاجتماعي الأول وما خلُصتُ منه إليه النقطة الفاصلة في حياتي السياسية ، فاعتكفتُ منكباً على الأسرة التي أهملتها كثيراً عبر مسيرتي السابقة ، محاولاً تعويض ما فاتها وفاتني ، لكن الأمر لم يطل سوى بضعة أشهر حتى دخلتُ السجن بشبه مؤامرة غبية خبيثة وبدسيسة كانت لإبعادي عمّا تبقى من طموح سياسي والذي لم يكن سياسياً بقدر ما كان فكريا خالصا حيث بينت المراجعات لهذه المسيرة أنني لم أكن سياسيا بقدر ما كنت رجل فكر ساهمت بتكوينه دراسات ما سبق انتمائي للحزب ..
كان السجن بالنسبة لي محطةً لتأمل الماضي ومراجعته مراجعة قاسية لكن الذي كان يختلج في الصدر غير ما كانت عليه قساوة السجن والبعد عن أطفالي وزوجتي وهذا ما حفلت به كافة أشعار الحنين الى الماضي بقساوة الحاضر وغياب معالم المستقبل ، كان لا بد لي من الخروج من هذا الإصطراع الداخلي فالعاطفة قد بلغت ذروتها وعاثت في القلب فسادا كاد يعطبه ، فما كان سوى الشعر مخرجا من أزمة إن بقيت على حالها فإنها ،ولا شك ، ستودي بي لموت محتم ، كان لا بدَّ من الخروج من هذه الحالة بأية وسيلة كانت فكانت اللحظة غير المتوقعة ، حيث جاءني أحد زملاء السجن وراح يهمس بأذني بضع كلمات .. / أبا يوسف أود أن أطلعك على بعض ما كتبتُ ، فأنت الوحيد المؤتمن من قبلي وسط هذا الجمع المتنافر وغير المتجانس الذي نعيش في وسطه .. / كـانت المفاجئة بالنسبة لي ، ليس ما قاله بقدر ما كانت أنه من المتهمين بالانتماء لتيار الإخوان المسلمين والجمع كان من ذات الاتجاه ، كنت المسيحي الوحيد بين مجمعٍ للإخوان ، كان طالب طب متهم بحضور دروس دينية كما قال يوم جيء به للمهجع ، تساءلت وهو يحدثني : كيف يمكن أن لا يثق بأي من زملائه في تنظيم عرف عنه تشدده بالنسبة للآخر أياً كان ، فكم بالأحرى لمسيحي منبوذ، حتى وهو داخل السجن ، من هذا التيار ,, تساؤلات كثيرة راودتني وهو يحدثني بعضها شك وبعضها الآخر تفكير في حادثة قلَّما تحدث في هذا المشرق ، لكنها ومع الخلفية الحزبية التي تشكلت عندي أدركت أن ما يتحكم في الفرد ـ ولأي انتماءٍ انتمى ـ هو غير المتجه السياسي ،هو غير الاعتقاد بصحة عقيدة أو فكر أو انتماء ، وأن السلوك الاجتماعي إنما يتحدد بداية في الأسرة ومن ثم في المجتمع عبر العلاقات التي تمليها ثقافة المرء ودرجة وعيه لهذه الثقافة من حيث هي سلوك قبل أن تكون معرفة .. ، قلت: لا بأس قل ما عندك ، قال أستحلفك بالله أن لا تخبر أحدا ، قلت: قل يا رجل ولا تخف ، فأنشدني بضع أبيات من قصيدة كان قد كتبها تروي تفاصل سجنه وحنينه ,, كانت قصيدة تفتقر للصورة ولمكويناتها من مفردات تنسجم مع ما تهدف لبيانه ، فطرحت عليه ملاحظاتي فتقبلها شاكرا واعدا إياي بالعودة لي كلما سنحت له الفرصة بذلك حتى لا يثير شكوك من حولنا ، فمن تعاطى الشعر بالسجن مصيره قد يكون مجهولاً إن وصل خبره لإدارته ..
لم أكن قد حاولت كتابة الشعر ولم أكن قد فكرت في ذلك ، لكن ما كنت أقدمه من دراسات سياسية أو اجتماعية أو تاريخية ، كان ذا طابعٍ أدبي يُحبب لمطالِعها متابعة قراءتها على الرغم من طولها ، لم يكن الشعر بالنسبة لي سوى ذوقاً شعريا ، وكان أحبه لقلبي طريقة إلقائه ، كان للصوت والأداء والكلمة عندي طعم آخر ، وكنت أجد في تفاعل كل منهما مع الآخر تألقاً في لون الصورة التي رسمتها كلمات النص الشعري ، وكم كنت أستمتع بذلك ، حتى أنني كنت قد حرصت على متابعة برنامجٍ إذاعي كانت تقدمه المذيعة المتألقة / أدفيك شيبوب / في الإذاعة اللبنانية ، وكان برنامجاً يُبثُّ في السادسة والنصف صباح كل يوم ، كان برنامجا لا يمتد لأكثر من عشر دقائق ، تتلو فيه المذيعة حكمة وعدة أبيات شعرية لتترك للموسيقى بعد ذلك ـ ولدقائق معدودة ـ شارة نهاية البرنامج ، أقول ذلك للتدليل على أن الشعر بالنسبة لي لم يكن أكثر من تذوقٍ لهذا اللون الأدبي ، يضاف الى ذلك أنني لم أكن أجيد حفظ وتطبيق القواعد العربية على ما أكتبه ، لكن الجرس الموسيقي للمفردة في سياق نصها ، هو الذي كان يجنبني الوقوع في الخطأ النحوي أو اللغوي حيث ساهمت مطالعاتي في إمدادي بمفردات لم تكن في تصنيفاتها ، عندي ، تعتمد على دروسٍ في اللغة والبلاغة والفقه ، كان السياق هو الذي يفرض هذه المفردة دون غيرها ، فإن خالفت هذه سياقها بدت ، وأيضا بالنسبة لي ، خارجة عن المألوف نشازا في الجرس الموسيقي للنص ، نثراً كان أم شعراً أو غيرهما ، فالمفردة ـ ولا أدري إن كانت كذلك أم لا ـ خاصة في السياق ، وفي الشعر تحديدا كانت ، تماما كالكتيبة العسكرية ، من حيث الرتل ـ الذي يمثل القافية ـ والنسق الذي يمثل البيت الشعري ، يدلل على ذلك كثرة المترادفات في اللغة العربية ، وهذا ما يميز هذه اللغة عن سواها من اللغات ، فالمترادفة بالنسبة لي حالة لها خصوصيتها ، ف(ورد) مثلاً هو في الحالة غير (الهزبر) مثلاً ، كانت فلسفتي في اللغة تقوم على أنه لا يمكن استبدال حالة بأخرى فلهذه مفردتها ولتلك مفردتها ، (فهمى) الدمع غير (دام ) و(تضرج) بدمه غير (تسربل) في دمه فلكل من هاتين المفردتين حالة تختصُّ بها دون الأخرى .. أما النسق فكان بالنسبة لي هو سياق النص ، هذا السياق هو الذي يفرض أيضا المفردة ، هو كالموسيقى التي لا يمكن أن تكون فرحة في نصٍ حزين ولا حزينة في نص فرح مرح ..
في السياق ، وفي قصيدة/ يوميات سجين / واجهتني مشكلة في صياغة هذا البيت / .. وتمر بي الأيام أرقبه بها ……… كأبٍ على مضغاته حانٍ كبوب / كانت مفردة ( مضغاته ) بعيدةً عن الذاكرة ، فرحتُ أقلب مفرداتٍ أخرى ، بيضاته ، فراخه ، أولاده أطفاله .. فلم تكن أيٍ منها لتفي بالحاجة التي ترسم أطفالا لم يبلغوا بعد أشدهم وصغارا لا بدَّ من العناية بهم عناية بالغة ، لم تكن المفردة تلبي حاجة من حاجات العاطفة التي أملتها فترة ابتعادي عنهم ، كان لا بدَّ من إيجاد المفردة التي تنصهر فيها العاطفة بالبعد بالقهر بالغصب بالحنين بالرعاية بالعناية ، فقد استهلكت مني هذه المفردة بحثا في أجواءٍ مشحونة بالخوف والقلق والاضطراب والحذر والترقب (وهي أجواء السجن اليومية ) .. أسبوعا كاملا وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة ، كان تكرار البيت وبصمتِ السجن ، هو وسيلة الوحيدة لإيقاظ الذاكرة من سكونها ، حتى جاءت المفردة التي ترسم صغاراً هم مجرد (مضغة) من حيث هي بداية تشكل اللحم على عظم ينمو معه / فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ / و المُضْغَةُ ما ليس له ديةٌ من الجراح ..
لم أكن أعرف من الشعر سوى تذوقه ، أما بحوره وقواعده فلم تكن معلوماتي عن كل ذلك سوى حفظ أبيات من الشعر كنت أعتبرها دليلاً حياتيا فيى الحب والشباب والمجتمع ، في الواجب والحق والخير والجمال وما الى ذلك .. فكان سؤالي الأول لطالب الطب في لقائي الثاني معه: كيف تكتب الشعر ؟ ما هي بحوره وماهي تفعيلاته وكيف تأتي الكلمة على وزن التفعيلة .؟ تساؤلات كانت تأتي على ما كان يطرحه من إجابات على سؤالي الأول . كان جوابه بسيطا ،تلقفته كأرض شقق تربتها الجفاف ، قال : ” بحور الشعر عبارة عن تفعيلات تتكون من حركة وساكن ، فمثلاً كلمة / ذَ هَ بَ / ثلاث حركات أما كلمة / ذَهَبْتُ / فهي حركتان ثم ساكن فحركة..الألف والواو والياء هي على الدوام ساكن مع والواو والنون كما يمكن للشاعر أن يُسَكِنَ حركةً أو يجعل من القافية ساكنا وهناك ما يمكن تسميته بالمجازة وهي بديل ساكنٍ بحركة مثال مُتْفاعِلُنْ حركة فساكن فحركة فساكن فحركتان فساكن ومجازها مُتَفَاعِلُنْ ثلاث حركاتٍ فساكن فحركتان فساكن .. ” لم تكن الجلسة لتفسح مجالا أكثر من ذلك فدائما هناك من يراقب ، فالسجن جحيمه بسجنائه ، على ما ذهب اليه جان بول سارتر في قصته /الأخرون هم الجحيم / وحيث لم يكن مسموحا بورقة أو قلم ، لم يكن من مجال لفهم ما قاله لي طالب الطب سوى أصابع اليد فرحت أستخدم أصابعي في تقطيع ما حفظته من أبيات شعر ، فمثلاً فعلن ، كانت حركاتها الخنصر والبنصر والوسطى بينما كانت السبابة بالتقائها مع الإبهام تشكل السكون ، أما فَعْلُنْ فكانت الخنصر ممدودا (حركة ) والبنصر مع الإبهام ( سكوناً) ثم الوسطى ممدودةً (حركة) لتأتي السبابة مع الإبهام (سكوناً ) ، وحيث أنه لم يكن للوقت قيمة ، فكنت وعلى مدى الأربع والعشرين ساعة مشغولاً بهذه المسألة ، حتى أنني كنت أستيقظ وفي كثير من الأحيان وأنا أكمل تقطيع بيت من الشعر كنت قد بدأته في الليلة الفائتة ، لم أعد أحدق في الفراغ ، كان المدى أمامي رحباً ، كنت كأعرابي في صحراء قاحلة يزرعها في بيت من الشعر فتستحيل الى واحة غناء فيها ما حفل خياله من أمنيات ، فيتلمسها بل ويعيشها كواقع لا كخيال ، هكذا أحال الشعر مرارة السجن ـ على اختلاف مراراته ـ الى أمل وأفق رحبٍ لم أعد أعيش به بل أحيا في خيالاتي بعيدا عن أسواره وعن قاطينه متخذا من ركن لي عزلتي الدائمة عمن حولي .. لذا فأشعاري في تلك المرحلة هي عبارة عن ربط بين الماضي والحاضر والمستقبل بين ما كنت أحلم به وبين واقع مخزٍٍ بكل ما في الكلمة من معنى ، ومستقبل لا بدَّ من ضبط مساره على وقع محاكمة الحاضر له ، من هنا جاءت أشعاري كذكرياتٍ على إيقاع ما أعيشه ورحابة ما يمكن لي أن أحياه فيما لو تيسر لي أمر خروجي سالما من هذه المعركة التي أخوضها على مختلف الصُعُدِ والمستويات ..
كانت قصائدي حياتي ، فمثلاً في قصيدة (وطني) والتي تمتد لتصل لمئة وخمس وثمانون بيتا ، كانت خلاصة ًمسيرتي السياسية ، بينما تأتي قصيدة (حال القدر) لتلخص مرحلة المراهقة ، أما قصيدة ( ولا كلُّ الرجال ) فتأتي عنوانا لعلاقتي بزوجتي حيث ناقشت بها مترادفات الزوجة والعقيلة والسيدة والحرمة والمرأة .. ولماذا وصفت المتزوجة بمثل هذه الصفات ، أو بالأحرى بهذه المواصفات على مبدأ ، أن المترادفات حالة كما سبق ونوهت .. كان الولوج لمعنى المفردة ذات أهمية بالغة عندي فإما أن تعبر هذه المفردة عن ما أود فعلاً قوله أو لا ، وكما سبق ونوهت فالنص ، أيا كان هو عبارة عن كوكبة من الجنود تسير بخطى موزونة متوازنة على وقع الموسيقى بشكل تبدو فيه المترادفات رتلا يتدرج من حيث الطول في المعنى ، في الحالة ، في المقصود من المفردة وفي نسقها الذي يمكن توصيه بالمتراصفة ، هكذا كنت أرى النص شعرا كان أم نثرا وأيا كان موضوعه …
هناك الكثير من التفاصيل التي كنت أود طرحها في هذه السيرة لكن الوقت ، هنا ما زال يداهمني ، فالمسؤوليات كثيرة والمهام أكثر والحال العام يسير بي نحو المجهول .
ما يمكن طرحه ها هنا ، هو كيفية نظمي لجملة قصائد الحنين ، أو أخرى صنفتها غزلاً ، بدون قلم أو ورقة وخرجتُ بها من سجن لايمكن الخروج منه إلا بعد أن تكون ادارته قد تغلغلت بمختلف ثنيا تفكيرك وحياتك الخاصة والعامة وحتى تاريخيتك وحاضرك ومستقبلك ، كيف خرجت من السجن ومعي هذه القصائد التي هي أقرب ما تكون لمطولات شعرية ، كانت جميعها في رأسي قد حفظتها عن ظهر قلب وبترتيبها الزمني الذي كتبت به .. هي أشبه ما تكون بقصائد أعرابي لا يعرف الكتابة ولا القراءة لكنه يقول شعرا في بيداء قاحلة لم يعش بها سوى جفاف العمر ..( للقصة تتمة)