3ـ رد على محمد كريشان
3 ـ ألا تعتقدون بأنه كان بإمكانكم بكل سهولة تلافي كل ما حل ببلادكم من ويلات لو لم تأخذكم العزة بالإثم وسارعتم إلى الاعتذار عما جرى في درعا قبل عام ونصف ؟
هذا السؤال ينم عن فهم خاطئ وخاطئ جدا للحدث السوري ومجرياته حتى بعد مرور عشرون شهراً على ما حفل به من أحداث يومية ، وعلى ما يبدو أنكم أنتم يا حضرة الدكتور من أخذتكم العزة بالإثم ولم تسارعوا للاعتذار من الشعب السوري عما اقترفته أصواتكم ومن ثم أياديكم من آثام بحق الشعب السوري ، أنتم تدركون جيدا ما أنتم منخرطون في تنفيذه من جرائم بحق هذا الشعب الأبي ، الذي لن تنالوا منه، مهما غاليتم في ادعاءاتكم التحريضية الطائفية والمذهبية والكيانيَّة وحتى الاقليمية ..
هذا السؤال ينم أيضا عن جهل بما تعنيه دولة المؤسسات ، لأنه يبقى في دائرة شخصنة الحدث بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، وبما يدعو للاعتقاد بأنكم تسحبون صلاحيات أمير قطر أو ملك السعودية وبقية إمارات الخليج على الدولة السورية ، هنا في سورية دولة تحكمها مؤسسات سياسية ودبلوماسية واجتماعية واقتصادية وأمنية وعسكرية .. وتتداخل فيها الصلاحيات تداخلا يصعب فك عراه وتشابكاته وتداخلاته وتفصيلاته ، مؤسسات تحكمها مقولة عدوٍ متربص في الجنوب لا أمل في استمراريته على هذه الأرض مهما طال الزمن ، مؤسسات تحكمها مقولة / نعمل وطنيَّاً لننتج قوميا / مؤسسات تقوم على فهم لقضية مركزية لا قيام لدولتنا القومية بدون إزالتها من الوجود ، فمعركتنا ليست معركة حدود وإنما معركة وجود ، على الرغم من خسائرنا المتكررة في مثل هذه المعارك المصيرية ، يكفينا أن نقول مع الرئيس الراحل حافظ الأسد / إن خسائرنا على الرغم من مرارتها ، فلها طعم حلوٌ هو أن الأجيال التي لم تولد بعد ستدرك جيدا أن ( إسرائيل ) دولة عدوة لابدّ ًلها من أن تزول../ فلربما ولًّدت هذه المقولة صلاح دين جديد يعيد لهذه الأمة مجدها التليد ، من هنا فالاعتذار الذي تقترحون يصح كل الصحة في جزيرة عربكم حيث الشخص هو الملك أو الأمير الحاكم بأمره وقد يكون خليفة الله ورسوله على الأرض ، والذي يستطيع بشخطة قلم تغير كل قوانين مملكته أو إمارته ، لأنهما ، وبدون أدنى شك ، لا دساتير ولا قوانين ولا أنظمة تحكمها بل مشيئة مليكها أو أميرها ، وبما أنكم تدركون هذا جيدا اعتقدتم أنه يكفي لحدث كالحدث السوري ـ العالمي أن ينتهي باعتذار ، وهذا ما يثير الريبة في معنى الشهادة التي تحملها حضرة الدكتور ، فكأني أمام علم لا ينفع وجهالة مقنعة بعلوم الاجتماع والتاريخ والفلسفة والسياسة ولاجتماع ، وهذا بحدِّ ذاته ما يدعوا للقلق من مصير المتعلمين أو من يدَّعون العلم بالشيء جهلا به .
كان يمكن تقبل هذا السؤال على فظاظته وتعنته قبل عشرون شهرا ، حيث الصورة لم تكن من الوضوح الذي هي عليه الآن ، لكن وبعد هذا المدى الطويل من سيلان الدم السوري ، بات من غير المعقول مجرد طرحه ، لأنه ودون أدنى شك إنما يحاول تبرئة الذات مما حلًّ بالشعب السوري من ويلات أنتم بعض مًنْ ساهم في إزكاء نارها ، وأنتم من تعرفون جيدا من أسهم في تمويل مرتزقتها وتسليحهم وتدريبهم وإيوائهم ورسم استراتيجياتهم على كل صعيد ، وأنتم ، مع من لفَّ لفَّكم ، تدركون جيدا أن الأموال التي صرفت على كل ما تقدم كانت تكفي للإزالة إسرائيل من الوجود ، و تتجاهلون (بمذمتكم ) للدولة السورية عبر مقولة / أربعون عاما من الهدوء على الجبهة السورية / أن هذه الدولة لم تألُ جهدا في سبيل قضية مركزية اسمها فلسطين ، وأن الحرب مع هذا العدو إنما إنما هي حرب مكلفة للغاية لن يكون بمقدور الدولة السورية ، بما هي عليه من إمكانيات ، أن تخوضه ، لأنكم وبكل بساطة تدركون أن هذا العدو بإمكانه الحصول على حاملات للطائرات عددها عدد الدول الداعمة لوجوده ، وأن ترسانته العسكرية إنما هي ترسانة أوروبا وأمريكا مجتمعة ، فعلى سورية والحال هي هذه ، أن تحارب أوروبا وأمريكا مجتمعتين ، ومن لا يقول هذا ، يكون كنعامة إن تدفن رأسها في الرمال ، فحتى لا ترى المصير الذي ينتظرها.
لكن سورية ، وعلى الرغم من كل ما تقدم ، تخوض اليوم هذه الحرب ،إنما ليس خارج حدودها بل في عقر دارها، أو كما عبَّر سيادة الرئيس بشار الأسد / أن العدو لم يعد خارج الحدود بل في داخل البلاد / وهذا كله بفضل جزيرتك وعربيَّتك وقطرك وسعوديتك وتركيتك ومذهبيتك وطائفيتك وصهيونتك التي لاشك بها طالما بقيت وومنشقيك ومطالبي حريتك من العبْ القومي على هذا التعنت و / لم تأخذكم العزة بالإثم وسارعتم إلى الاعتذار/ من الشعب السوري …