6 ـ رد على محمد كريشان

6 ـ في الوقت الذي لم تطلقوا فيه رصاصة واحدة في الجولان المحتل طوال خمسة وأربعين عاما، أليس معيبا اللجوء إلى الطائرات لقصف أحياء سكنية في بلادكم؟

كم يبدو سؤالكم هذا ساذجا ومنافيا للحقيقة التي تعرفها أنت وزمرة التآمر على كل ما هو قومي ، فسورية التي لم تطلق رصاصة واحدة طوال خمسة وأربعين سنة على حدودها مع الكيان اليهودي ، لأسباب سبق وطُرحت في مقالة سابقة ،لكنها لم تكن في يوم من الأيام إلاَّ على تماس مباشر مع كيان الاغتصاب ، الأمثلة كثيرة ، فعلى الصعيد العسكري تحديدا ، ـ بحسب سؤالكم المطروح ـ كانت معركة تشرين هي المعركة الأخيرة التي انتهت لاتفاق الهدنة المؤقتة مع الكيان الغاصب ، وهي هدنة تلاعب بها كبار الساسة الغربيين في ذلك الوقت حيث الترجمة العربية لم تكن متوافقة مع النص الإنكليزي ، حيث لعبت ( أل ) التعريف دورا مهما في ذلك النص الذي يُظهر مدى مراوغة الغرب في مثل هكذا قضايا ، مراوغة لم تكن في مستوى المهمة الموكلة للأمم المتحدة في حل النزاعات بين الأمم ذات المطالب الوطنية والقومية ، كان الغرب يعتقد أنه بالمراوغة يستطيع حل المشكلات المعقدة كقضية فلسطين ، لم يستفد هذا الغرب مما جلبته من ويلات مراوغته مع الشريف حسين ، كذلك في مختلف القضايا التي تبعت ما سمي / بالثورة العربية الكبرى / ..

الغرب المراوغ الذي استفاد من معركة 67 أبى إلا أن يستمر بمراوغته في ما تلا معركة 73 التي انتهت لهدنة الانسحاب /..من الأراضي العربية المحتلة / وفق النص باللغة العربية إلى / الانسحاب من أراضٍ عربية محتلة / وفق النص الإنكليزي ، مما دفع بسورية لوقف أي نمط أو نوع أو اتفاقات دولية مع هذا الغرب بجناحيه الأوروبي والأمريكي ، وانتهت لقناعة راسخة بأن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة ، وإذا كان الغرب قد أبلى في خداع العرب عبر نصٍ يظهر مدى غبائه ، فإن سورية قادرة على المراوغة أيضا ، فإذا كانت الهدنة قد كبلت سورية بتوقيع اتفاق لم يكن في صالحها ، فهي قادرة أن تستمر بقتالها على الصعيدين العسكري والسياسي مع هذا الغرب المراوغ والكاذب والمنافق ، من هنا كان لابدَّ من مواصلة القتال على جبهات عدة ، جبهات لم تكن دوائر الغرب قد فطنت لها ، وهكذا دخلت سورية معركة الدفاع عن المقاومة الفلسطينية في لبنان ، وتحديدا بعد حادثة عين الرمانة ، معركة لبنان لم تكن مجرد معركة تستهدف المقاومة الفلسطينية ، كانت معركة نستهدف كل ما هو قومي ، وعلى مدى ثماني سنوات كانت المعركة تستهدف الحفاظ على هوية لبنان القومية وعدم انجراره لمغريات التحالف مع قوى الاغتصاب ، عبر ثماني سنوات كانت سورية تخوض معارك ثلاث ، داخلية مع الإخوان المسلمين حيث كان لبنان واحدا من أهم قنوات تسليحهم واتصالاتهم بالكيان الصهيوني ، وكان العراق القناة الأخرى التي كانت ، بدعم من قوى خليجية ، تحاول عرقلة الحفاظ على هوية لبنان العربية واستمرار المقاومة الفلسطينية عبر أراضيه ، ومعركة ثانية كانت على الأرض اللبنانية للحيلولة دون انتصار الكتائبيين المتعاونين مع الصهاينة جهارا نهارا ومثالهم / أنطوان لحد / و / بشير الجميل / على الرغم من محاولة سورية لاحتضانهم في بداية الأحداث ومحاولتها الحيلولة دون انتصار (إسرائيل ) عبرهم في لبنان ، والمعركة الثالثة كانت حماية المقاومة الفلسطينية أيضا من تلك المغريات التي انتهت لاتفاقات أسلو بعد حين ، لقد خسرت سورية في لبنان عشرون ألفا من جنودها في تلك المعارك التي خاضتها لدرء خطر الاعتراف بكيان غاصب من أية جهة كانت ، لقد كانت هذه المعارك إلى جانب معارك أخرى خاضتها سورية بدئا من معركة الخليج الأولى ومن ثم الثانية وانتهاءً بمعركة احتلال العراق ..

في عام 1982 خاضت سورية حربها المباشرة مع العدو الغاصب على أرض لبنان ، وعلى الرغم من خروج المقاومة من لبنان كان على سورية أن تستمر في معاركها الواحدة تلوى الأخرى ، فقامت بدعم المقاومة الفلسطينية ، حيث برزت للوجود حركة حماس وحزب الله كوجهين آخرين للمقاومة الشريفة ، ولم يكن دعمها لهما دعما لوجستيا فحسب وإنما مارست معاركهما كتفا لكتف مع كل مقاوم أطلق رصاصة على (إسرائيل ) سورية كانت تخوض معاركها علنا ضد كيان غاصب كان ما يزال قابعا في الجنوب اللبناني ، عبر مجمل العمليات التي كانت تنفذها على الأرض ، بدئا من سناء محيدلى مرورا بالعمليات الاستشهادية التي تبعت ذلك وحتى معركة 1995 معركة قانا والتي كانت المعركة التي أفهمت ذاك الكيان أن سورية ما تزال في قلب المعركة .. وحتى عام 2000 كنت سورية تخوض معاركها الواحدة تلوى الأخرى والتي تكللت بطرد المغتصبين من الجنوب اللبناني ، وانزواء لحد في فرن داخل الكيان العنصري كمصير محتوم لكل متعاون مع العدو القابع والمتربص بنا شرا …

كذلك لم تكن سورية بمنأى عن أية معركة كانت تهدد الوجود القومي ، مهما كان هذا الهيديد في الشكل وفي المضمون معا ، هكذا خاضت سورية معركتها بتحفيز العرب على عدم التعاون مع الغرب لإسقاط صدام حسين ، ولك أن تطالع ما قاله سيادة الرئيس بشار الأسد في مؤتمر القمة المنعقد في بيروت ، حيث شبه احتلال العراق لاحتلال التتار لبغداد وما تبع ذلك من انهيارات في الكيانات العربية آنذاك .. وهذا ما تحقق بالفعل بعدما وطأت أقدام الأمريكيين أرضه ، فعلى مدى السنوات الثلاث التي امتدت بعد احتلال العراق كانت سورية في خط المواجهة الأول والذي انتهى لمقتل الحريري وتلك المعركة التي خاضتها سورية مع حزب الله في 2006 والتي أنهت أسطورة الجيش الذي لا يقهر ، فكان لا بد والحال هي هذه ، من خروج سورية من لبنان نظرا لما يمثله وجودها من خطر على كيان الاغتصاب ، ولا شك في أن معركة مقتل الحريري كانت من أشد المعارك التي خاضتها سورية والتي تكالب فيها الجميع عليها في محاولة الإيقاع بها ، عسى أن تكون هي المعركة الأخيرة الي يمكن لسورية أن تخوضها في مواجهة العدو ، ولما كان من المؤكد فشل كل المخططات الاستعمارية لإخراج سورية من ” مربع الممانعة والمقاومة ” كان لا بدَّ من نقل المعركة لداخلها عبر مرتزقة الخليج والقاعدة وما شابه هؤلاء .. هكذا أصبح العدو في الداخل السوري على حد تعبير السيد الرئيس بشار السد ، عدوٌ يحتمي بالمواطن السوري ، عدو لا بدَّ من سحقه ، ومهما تكن التكاليف ، عدو يقتل ويذبح ويغتصب ، عدو له تاريخ طويل في الإجرام ، عدو يجمع كل شذاذ الآفاق وعتاة المجرمين ومهربي السلاح والمخدرات .. فهل تقف سورية حيال هكذا عدو مكتوفة اليدين ؟