أيلول

ورجــعتَ جـرحـا طـــــالما نـزف     وطمى جوىً بدمي روى الضفــــفَ

وتقـــاذفـت أنّـــَاتــه وجـعـــــــي        وتــــلاطمــــــت فتــزقــتْ نُتـــــــَفَ

غــــاصــت بلجتـه وأزمنتــــــي       وتـجاذبــــت مـا كــان منـــه طفـــى

ورمـــت على ضفَّاتـــه وجــألي       أشـــــلاء زادت بـؤســــه شـــــظفَ

وتـلقفَ الحُـــلُمَ الجهيـضَ ثرى        جـدث بــلا كفـــــنٍ قضـــى أســـــفَ

عبثــــتْ بـــه الأتــراحُ لاهيـــةً        ومضـــتْ لــذكــرٍ رجعــــهُ قصــــفَ

فتســــاقطتْ عبـــراتُ منهمـــرٍ        حـــــزناً علــى مًــنْ مـاتَ ما نُصِـفَ

فصــرختُ وا ألمي فـوا أسـفي        فيـــرددُ الرجــعُ الأليــــمُ كفــــــــــى

أحكيــــكَ يــا أيـلول أمنيــــــةً        جــــــزلى وقــلباً واعـــــداً دَنِــــــفَ

أم أنــك الوعــــدُ الذي خفقـت        نبضــــات قــلــــب بعـــد مـــــا أزف

أيـــــــــلول جرحٌ أنت سائلني        أم وعــــــد قلبينـــــا وقـــد زُفِـــــفَ

فـلقد تطاول في الأسى سفري        وكبـــى زمـانــك واجمـــــــاً وجـــفَ

وكـــدى بُعَيـْـَد الــــغدر داهمه          والبــــعدُ قســـــراً شــــمسهُ كســفَ

والقيـــدُ طــال الـنورَ بينهمــا         لما نــــــأتْ عـن وجـــههِ خُســـــف

عصفــتْ به الأشواقُ صارخةً        أواهُ مــــن جــــــــــــرح إذا هتــــفَ

ليحيــــلني آهــــاً علــى ألمـي        وعلـــى فـــــؤادٍ جُـــــنَ بـــي دنــفَ

وأنـــا المُجَــنُّ بها إذا وُصِفَتْ        وهـــو المجَـــنُّ بهـــــا إذا وَصَــــفَ

حــــلمٌ على كتـفي تـــــهدهدهُ          عينــــان شــــاءتْ مهــــدها الكتـف

وغفـــت كما الأحلامُ وادعـــةً        ودعــــتْ إلهــي صُنــــهُ لــي كنــفَ

يـــــا دفئها الحاني على كتفي        آسٍ بـــــه أوجـــــاعــــــــه لَهَـــــفَ

هـــذا دواءه لا دواء لـــــــــه          آسٍ يجـــــــسُّ إذا يجـــــــسُّ شــفى

      

مـــا آلمتـني حين آلمها نزقي        وكـــانـــــــــت خيـــــــــــر مَــنْ رأفَ

بـــل فــاح منها عطرُ حكمتها        للـــــدهر يـــــومٌ بعـــــدُ ما كُشِـــــفَ

أواهُ لو حطـــَّتْ ريــــاحُ نوىً          والـــــدهر حــــــطَّ ريـاحـــه صلـفَ

مـا يــــــــنفعُ الآهات مترعةً          من جــــــام ما كشـــــفتْ وما كشفَ

آلامُ هــــذا القيـــد صــارخــة          رحــــمُ الـرزايــــا شــــــــلوهُ قــذفَ

متــــلفلفاً باليتـــم مــرتجفـــاً          بــالخــــوف مــؤتــزراً دمـعـه ذرفَ

فمددتُ مــن  كبـــرٍ لــه بيــدٍ          لأكفـــــــكفَ الـــدمــعَ الــــذي ذرفَ

فيـــردُّ بالجحــــد اللئيــمِ أذىً          ويــــكيلُ بالعهـــــــر الـذي احتـرفَ

متنــاسياً فضلي وفي قحــــةٍ          يختــــــالُ مــــــزهــــوُّاً بمــا اقترفَ

وكــذا الرفــاقُ وكلهم درسوا          أو جــــــــــلَّهم متنصــــــلٌ وقــــــف

مــــا كــان ظني أن يـؤل بهم          الخوفُ أن يتجنـــــوا الأســـــــــــف

إنَّ الأسيــــــــــر أنينُ مكرمةٍ          مــــــا الحـــرُّ يـــوما وعـــده خــلفَ

إني لهــــم في يوم محنتـــهم          لا غـــــروا  لا مـــلقا ولازلـــــــــف

                                                                       أيلول 1994