حال القدر

ياحب هدهدك اشتياقك ما الخبر

تصحو وتغفو تقتفي ذاك الأثر

والعمر ولّى والهنيّات انتحت

تبكي لياليها العتاق وما عبر

تـــلك السـنون الزاهرات قد انقضـــت

وغـدا شــبابك قصــة ممــا عـبر

ما العمر إلاّ وردة بربيعها

إن ولّى،ولّى الضوع واللون الزهر

2

يـا حـب هـلاَّ قلت لي مــا تبتـغي

والليل في ليلائه الإحدى عشر

وأنا الملوَّع والنوى هذاالجوى

يبلي فؤادي كلما الماضي ذكر

3

ياقلب مالك تشتكي مني وهل

تنسى اصطحابي العمر إن مجـدي انـدثر

وأنا لنبضك قلبه وغناءه

ولك البواقي والحبيب المنتظر

إن بــاعدت مـا بـيننا الأيــام يــا

سكنى الحبيب غدوت قلبا من حجر

لا ترتجي فصلا ولا مطرا ولا

تنمو سوى الأشواك في الأرض القفر

أســكنتني منـك الشــغاف مكبــلا

بســلاسـل الخجـل الموشـح بالكــبر

وقصائد الوطن المفدى وعزِّه

وملاحم الشعب الأبي إن انتصر

وأراك أنت اليوم ترزح بالأسى

وتهييب بي أن أحتسي كأسا أمر

دعني على باب المواضي أرتمي

آهـا تــلملم ذكـريـات من اعتـصر..

منك الفؤاد وبات آها كلما

آهت تناه الآه وقعا للعبر

إني على عهد الحبيب لقائم

ما فل َّعزم الحب بي مهما انتظر

كم قلتُ بح ياقلب بي واطلق يدي

لترى اللآلىء ملء كفك والدرر

لكنك القلب الذي لايرعوي

وترى الحياة قضية لغد أغر

4

أوَ ذاكــرٌ يـا قـلب أيـام الصـبا

يــوم الأمـاسي راقصات للســحر

يــوم الصـبايا الغاديـــات إلى الهـوى

يرقصن آهات بليلات السمر

ولحاظهــن الــغازلات مـفاتــــنا

تــومي إلى ليــل ولا ليــل الغجر

أوَ ذالكرٌ يا قلب مايا طفلة

تثغو ثغاء الحب في سن الصغر

سمراء كحلاء العيون وشعرها

ليلٌ تناثر في سمائك وانتثر

تومي إليك بهدبها ولحاظها

“يا حب يفضي الجفن ما قلبي أسَر”

تشكو إليك متيما مضنى الهوى

علَّ الطريق إلى لقائكَ يُختصر

كم قـلت ُ بُــح يا قلب بي لاتــنثني

فـكذا الــمعارك كــلها كـر وفـر

لكنك القلب الذي لا يرعوي

وترى المرام خطيئة لا تُغتفر

ولذا نأت مايالغيرك درَّةً

أوّاهُ من خجل تناهى للهذر

يا حب مايا كانت القربى لها

بسنيِّها الأولى إلى قلبي ممر

وصداقتي لشقيقها آلت بنا :

ما من صدوق بالصداقة قد أضَر

إن شئت ، هذا بعض ما أودى بها

وحقيقة كان الحياء به استتر

مايا…؟ وتسأل يا ترى لكن لما

قد حال دون لقائنا نحن القدر ؟!!

5

خطــرت وصال بعد مـايا ظبيـــة

وشـرودة في الحـب لا تخشـى الـوعـر

كان الصبا قد داعبت خلجاته

في الصدر قلبا من تألقه انفطر

والحب نجم ساطع من ذا الذي

إن كان طالعه تحدى ما انبهر

دلفت لمخدك والشعاع حبى بها

للقبلة الأولى تطاير كالشرر

قالت :”بقلبي أنت منه نبضه

ما شئت هدهد في وصالي لاضرر

ما شئت خذ مني فلن آسى على

ما كان ضوعي إن قضيت به الوطر

لا أشتــهي ما تشـــتهي لـكنما

أعطيـك مـن حـبي فـؤادي ما نــذر

ما شئتَ خُذْ مني وإيّاك الهوى

قأنا الرسول وأنت من أوحى الفكر.”

يا حبُّ كَبَلَت ِالفؤاد بغيرة

عمياء تشهد كيف من أحيا نحر

وجموحها زرع الشكوك بمهجتي

فنمت بماء الظن تدعو للحذر

خلت الوساوس بي تؤرق خاطري

وتقول أيُّ الآه تنفع مَنْ عثر

فالحب ضيَّعها وقاد ضريرة

أيُ الدروب تقود مَنْ وأد البصر

ولذا نأت عِبراً وناحت ، كم بكت ؟!!

وثوت قتيلاً ، قاتلا، ولها قَبَر.

6

وحملتَ فصلا من وصالك واعظاً :

“إيّاك في درب الحياة من الحفر “

لكنك الحب َّالذي لايرعوي

وترى المعارك كلها فرٌ وكر

فتكرُّ ما بين الصبايا فارسا

لترى السناء لكرك المضني مقر

وربيها العشرون ينضح عمرها

وترى انتظار الحب بارقَهُ هدر

وتخوض معركة الغرام بقلبها

فإذا الذي كان اختفى يوما ،ظهر

غزلتك قبلة حبها ظلاًّ لها

ورضابها يسري بنبضك كالخدر

تنبيك آهاة الغرام بخبرة

وترى على النهدين وشما للإبر

وتــروح تسـألـها إذا عَـرَفَتْ هوى

أحـد وتسـأل بلـــهجة من نــكر

وتقول نهدي لم يداعبه الهوى

ورضاب ذي الشفتين غيرك ما احتكر

أنا لا أرى وطنا وحبا للغنى

لا أرتجي لخصوبتي غير الذكر

ليكون في كفي كخاتم اصبعي

وينفذ الأمر الجليل إذا صدر

وإذا أشرتُ إلى النجوم يطالها

يكفيه من حبي فؤادي ما أمر

لكنها الأيام تكشف ما خفت

وإذا الكثير لشعرها الغافي ضفر

قد ناثرته على الشباب غواية

علَّ الذيذ بخمره رجلاً غفر

فتساقطت أوراقها مصفرَّةً

وكذا تعرَّتْ قي الخريف كما الشجر

وتعود تســأل يا ســــناء ترى لما

قــد حــال دون لقـائنا نحـن القدر

7

يا قلب أثقلت الجراح وبي هنا

جرح لذكراها من الآهات خَر

وأنا إليك النبض ما سيحل بي

إن غالك الوغد العضال وبي غدر

بعض الحاظ مباضع إن جُرِّدتْ

والبعض آسٍ مثلما الخمر اختمر

إلاّ الوشاح لها بطيبته عِظاً

خُطَّتْ بها الآلاء من كل السوَر

أهنــاك في الفردوس حورٌ ؟.. لا..هنا

في الأرض قد خُــلق الملائــكُ من بشر

ووشاح إحداهُنَّ كيف لقيتها

تسبي نهاك إن أطلتَ بها النظر

فاللحظ روعته إذا أومت به

ويكون رائعه إذا خجلاً قَصَر

والثغر إن فاه فمثل عظاته

جلّ العظات إذا ببسمته ثغر

والشعر ما إلاّ حكاية ليلة

ما طالعت إلاَّ حياءه للقمر

8

وطني .. وتشكوه إليَّ : متيَّمٌ

أصحو وأغفو ، إن غفوتُ ، ففي البكر

عصفتْ بـه الأصـداء ، شـرَّده العُلا

فمـضى بـدرب الحِـلم يقتـحم الخـطر

فطرقتُ بابه علَّني أومي له

بالحبّ أسْكُنهُ ، أشدُُّ به الأزر

لكنه ماضى إلى ليلائه

وسلى الحبيب وحُبه الداني هجر

أوّاه من وطن بقلبيَ غصَّة

ينأى وقربي إن خطرتُ وإن خطر

9

إن طال يوم البوح بي يا قلب لا

تأسى على قلب تولاه الضجر

يا قلب تسألك الحنين فآتها

وعد لقلب مثلما الغيث انهمر

ماجئت أقلع بالسفينة رافعا

لشراعها إلا وصوتك بي انتهر

هـذي مـلاك لا تــــقاربها ولا

تشـــكو لـها ماكـان في قلبي وقـر

حتى نأت وبكت وآهت حسرة

والصمت ، صمتك لابتسامتها قسر

ياحب يوم البوح باعد بيننا

لما جموحك حائرا نصحي نكر

ترنو اليها منيما تشكو الجوى

حبي اليك ، اليوم تعتزمي السفر

قالت : ” أيا وطنا تأخر وعده

وحدا بأهله للرحيل بما وزر ..”

يا قلب ما ققالت هباء ًآهها

لكنها والحب ينصر من أصرّْ

شأت بوقفتها امتشاقك سيفها

لكنما الآصرار للعزم افتقر

شأت وآهت دمعة ثم انتهت

قلبا تهالك آهة ثم انتحر

وتعـود تســأل ” يا وشـاح ترى لما

حال دون لــقائنا نحـن القـــــدر

10

وتعود لي بعد الوشاح مجندلا

وتنوء روحك واجما بمن احتقر

مستنكرا مني انتظاري لائما

مستغفرا بالآه زلة من كفر

وتهيم في بيداء ماضيك الذي

أضحى كليلاء عتت والريح صر

وغدا نهارك قائظا ومقرِّظا

اين المفر وآهة التذكار حر

حتى إذا في الأفـق طـالعت الــرؤى

أغمـدتَ في شــغفي اللحاظ على الأثـر

فهوى كبدي يئنُّ مضرَّجا

وكذ ا الثنايا والشغاف على الوتر

وتجمَّع الجمع الجريح منددا

أطلق سراحه علَّه بالوعد بَر

وعلا بجنبي صوت وجدي والحشى

فكسرتُ قيدك بعدما نبضي جهر

قد حطَّمت كلَّ القيود بنظرة

هل قلت قيدا من قيودك مانكسر؟

يا حب سر بي للحبيب وهاته

وعدا لقلب كم تلظّى واكتدر

واطرق بآهي قلبها متوسلا

أن تسكن المضنى مكانه إن شغر