يوم الأرض

من أيــن أبدأ يســـري في دمي الغضبُ             قـــــد شــــردتنا ريــــاحٌ كــلها خُطَـــــبُ

مــاذا أقــــولُ اذ التــــــاريــــــــخ ينبئنا            أنْ ليـــــس منتــصراً مَنْ ما به عصـــبُ

وكيـــف أكتـبُ في مــاضٍ وحـــــاضرنا             فيـــــه المـــذلـة ألــــوانٌ لهــا العجـــــبُ

هـــــذي كيـــانـاتـنا قـد أصبحـت لعبــــا             فيــــها التـفاخــرُ لا ننـــدى ولا نـعــــــبُ

فـــأنت مــن سـاحلٍ والبعض من جبـــلٍ             وذاك مـن فنـــــنٍ قـــــد هــدنــا العطـــبُ

وكيــف نفخــر في إرث بـــه دــــــــنسٌ              مـن رجـــس غــرب طـغى يا أيها العرب

والعنعنات الـتي جـــــالـت بنـــا زمنـــــاً             لـــم يجـــد نفـــع بهـــا عـــرقٌ ولا نسبُ

إذ ضـــاعت الأرض والأحباب قد لجئوا               والجــــارُ جــــار فعــــــمَّ الغــمُّ والكربُ

أهـــكذا الأصـــــلُ إن الأصـــلَ مكــرمـةٌ             قـد خطَّهـــا بالـــدم المعطــاء من وثــبوا

لا مـن بـــــوقفتــهم في ظـــلِّ ســـادتهم             تـرنحـــــوا خُنّـَعاً مـن فـــرط ما شـــربوا

مـن الـــدمــاء على أنقــــاضِ أمتـــــهم            مـا ضــــرَّهـم أنــــهم فـي يـومها هربـوا

تـلك المعارك ما خاضــوا وما صدقـــوا              أقـــولهم نتفـا مــن بــعض مـا كــذبــــوا

لا لـن نــكون على أبـواب حـاضـرنـــــا             فالفكـــر تـــاه وأضــحى كـــته عُصَـــــبُ

فأيُّ فـــكرٍ ســــرى فينــا يُـــــفرقنـــــــا            قــــواقــــعٌ فــــَرُغَــــتْ أشـــكالنا عُـــلبُ

هـــا قـــد رفعنــا الى المــولى شـعائرنا             أنّـــَا لنــــؤمن فـــــــيما أُنـــزلتْ كُتـــــُبُ

حتـــــــى تــــقربنا للــــه بــــاعــدنــــــا            بــــالله نــــــــــكفر أم باللـــــه نقتـــــرب

فجــــاءنـا الوحيُ أنْ بالحبِّ فاعتصموا              لا بـالمكائـــــد والأحقــــاد تـُكتســـــــــبُ

تـــلك المطالـــب إن كانــتت لكــم هـدفا              لا مطمعــــا وشــــــــــــعارا خـــلفه إربُ

هـــــذي مطالبـــنا يا قــــوم فانـــــتبهوا            نســـــعى لهــــا وبــــروحٍ كلّـــــَهُ لهـــب

إن الــدماء التـي فــي عــرقنــا نبــضت             تـــبقى لعـــــزة هــذي الأرض تنســــكب

إذا الفــــــداء دعــــــا يـــوما لمـــأثــرة             والثـــــأر ثــار على من أرضنا اغتصبوا

يا ضفـــة خصبــــة بالنـــــار تــأتـزري             نحــن الفـــدى وشــــموخ العـــزِّ ينتصب

فـــي ثـــورة حـــــرة للمجــــد تـائــــقة             مـــا كـــــــلَّها تـــعبٌ والبيـــتُ مغتــصب

هبـــــت وقــد نـــزعـــت عنها وداعتها في              وجـــه مغتـــصب ضـــاقـت به الترب

                                                          مــا عـاد يـــطربــها من عــودها الطرب

حتى ولا قمـــرا في الليـــــل آنســـــــها              كــــلاّ ولا مـــطرا جــــادت به السحــــب

كلبـــــوة زأرت فاســــــتنسرت أُسُـــــداً               إلى العـــريــن تنـــادوا كــلهم وهبــــــوا 

أرواحـــم شجرا في الأرض قد زرعوا                  ســـقوا الــربى دمهم فاخضوضب النقب

وفــي الجليــــــل رمــــاحٌ كلها انتصبت               فالليــــل خيّـــــَمَ والأحـــــداثُ تُـــرتـــقب

والغلـُّ عـــربـــد في وعــــد تـــلوح بــه                كـــل الرزايـــا ومــا خـــارت بــه الحقب

لما رأهــــا  رمـــاحــــا عـــــاد في كمدٍ                لأمِّ فحــــــمٍ ســــــــرى حقـــدٌ به السـبب

غـــــدرا رمى أهــلها بالنـــار إذ وقفـوا               فــي وجهـــه شـــــهبا واستبسلت شهب

ثـــارت لنجــدتــهم كـلُّ الســـــيوف لهم               فـي كــــلِّ ضـــاحيــة أو قــــرية صخــب

محـــراث فــلاحنــا في الأرض منغرسٌ                كجـــذر داليــــــة عـــــرزالهـــا قصــــب

في حســــرة قـــالهـــا والدمـع يسبقه :               أمـــــام بيـاَّرة عرزالهــــا قصـــــــــــــب

لا لــــن تـــــكوني لهم بيتي وإن هدموا               إن صــــــادروكِ غـــداً حُبّـــاً ســاحطتـب

أحيـــتاؤها التهبــــت بيــتا ومدرســـــة              ومعمــــلاً مقفــــــلاً عمـالــــــه كتبـــــوا

لبيــــكِ يا قــدســـــنا يــا رمـــز وحدتنا              إن أحــــــرقــــــوا قبــــــةً هاماتنا القبب

طــــلابنا اعتــــصموا روضــا ومدرسة               مـا همــــهم أدب ، علـــــمٌ ومــــا طلبـوا

فتــــاتنا وقفـــت ، بين الرجال مشــــت               للثــــــورة انتســــــبت مـــا همــها عتب

قاـــلت وقــد وهبـــــت للأرض قامتــها             مــا عــــاد يبهــــــرنـي مـاسٌ ولا ذهــبُ

حتـــى ولا وتـــرا في القلـــب خـــالجها              لا تشتــــتكي هجـــــران مـــن خطبـــــوا

والأمُّ قـــــد نثــــــترت ثــــــأرا كنــانتها             ابنــــــا وبنتــــا لهــــا للثـــــورة انتسبوا

في دمعــــة ودَّعــــــت أولادها وحــكت                من قصـــة مشـهدا : في الأمس كان أب

وزوجــــة صـــرخت في الجند إذ وثقوا                يـــــــــديِّ زوجٍ لها عينيـــــه قد عصبوا

حبـــــي إليـــــك دمـــا والذكريات هوى                وصيّـــــَتي أمــــلا إيّــــــــَاك إن طلبــــوا

منــــك الفـــــؤاد أن تـــــرضى لــه بدلا               إنَّ الرجــــال على أســــــرارهـم هــــدب

وفي الســــجون جبــــــاه صلدة سطعت                إعصــــــــــارها لهــــب منــه سيــرتـعب

كــــل الــــذين أرادوا من مـــــذلتــــــها               تـــطويــعها عبــــــــــثا إذ عـزَّ ما رغبوا

         

تـألــــق الشـــعر في أفيـــائـــه نغمــــــا               إن الشـــــهيد عـــلى أشـــــلائه صلبـــوا

ما أهــــون الشــــعر إن كـانـت ملاحمه                 ســــطرا يخـــطُّ على الأوراق إن سـكبوا 

هُـــمُ الـدمــــــاء ورحنـــا نـحن ننشدها                نثـــرا و شــعرا ليـــزهو فيــــهما الأدب 

إني لأنـــدى لهـــم من جبــهتي خجـــلا                إذ الفـــــداء الى هـــامــاتـــــــنا نصَــــب

إن الشـــــهادة مـــــعقود لهـــــــا علـــم               إلى الســــماء إبـــــــاءٌ من هنــا انتـدبوا

         

يـــا دار أبـــــكي الهــــوى إذ هزني المٌ               يــــا دار أشـــــكو النوى قد حطت النوب

قــــــــــــــلبي ليؤلمني إن ساعة دمعت              عــــيني لأجـــلك إذ أضنــــــانيَ التــــعب

مــــاذا أقــــول إذا مــــاتــــت ضمائرهم               مـــا عــــاد ينـــفعهم وعـــظ وإن نــكبوا

يا شـــعب أنت الرجا هل قلت لي ومتى                 نـــمضي الى حُـــــلمٍ فيــه المنــى رُطَـبُ

يا شــــعب أنت الرجــــا هيـــّا فاطربني                 فــي ثـــــورة دمـــــها فيــنا ســيضطرب

إن لــم نقــــم لصـــروح الــذل نضرمها                 نــــــارا وبــــــأسا لمــن أهواءهم ركبوا

يا شــعبنا المرتجى  هل عدت بي لربى                 تـــــــــغفوا على حـــلمٍ آفــاقـــه الطلــب

                                                                                          آذار 1992